مدخل
حقا هو شعور مؤلم
مؤلم أن تمسك بذلك القلم
وتظن لوهلة إنك سوف تغرق هذه الصفحات ببوحك
سوف تجعلها تنطق وتصرخ كجزء من ثورتك
تشعر بأن أناملك تحرقك وتزداد لهيبا
وكأنك بت تخاف أن ينكسر القلم بين يديك
تنتابك رغبة عارمة لبث التمرد لهذا البياض الأخرس
لكن عندما تبدأ بخط أول حرف
تجد أن عالمك يشدك للوراء
لا تعرف كيف ستبدأ
بم ستبدأ
أي حروف من تلك الحروف ستختاره للبدأ
فتقف ساعات عاجزا عن بث وهج الروح
تبتعد
ثم تعود لتستنصل نفسك من جديد
وتبث بها توهجا آخر غير الذي تعنيه
فقد تخط الآلام أحيانا ما لا تعرفه المعاني أصلا
(( مدرسة حبنا ))
موادها تختلف قوانينها عن قوانين ما ندرسه من أمور سطحية
أمور لا تمس الجوانب الروحية
بتلك الصلة الوثيقة التي تشدنا نحن نحو عالمنا
أنت من أقحمتني في زمرة هذه المدرسة
جعلت مني تلميذة بين ذراعيك
حين تلقي بهمسك في أذناي
تشعرني بلهيب يحرق كل كينونيتي
يتهاوى نيزك صوتك الأثيري على مدينتي
يحطمها ويحولها لبقايا
فأسير في صومعتي المترنحة
محاولة عبثا لملمة أشلائي الضائعة
أحاول عبثا لصق بقايا هيكل منكسر
لكن رماحك تحطم الفتاة لذرات
أنت من علمتني إن هذا الحب الرابض بين جونحنا
ليس له أسس في الطبيعة المحدودة
بل هو قوة خارقة
وضعها الرب وجعلها إحدى المعجزات
وربما هي أصدق العواطف التي تحير إنسانيتنا
قلت لي ان هذا الحب اكسير حار الكيميائيون في تحضيره
لا يستقر ولكنه متزن
ينتج من تفاعل المشاعر بداخل القلب
تفاعل لا يعرف معنً للإتجاهات الطردية أو العكسية
مضاعفاته دموع ولهيب وشوق وحنين
يولد احاسيس غير عادية على الاطلاق
تسري كحرارة وتيار كهربائي
تلك التي أشعر بها و أنا بقربك
تلهب كل قطرات الدماء في عروقي
علمتني ان الحب في عالم الرياضيين
غاية ليس لها مجال
و لا تنتمي للاعداد الحقيقة او التخيلية
ليس لها منحنيات او خطوط ولا تحسب بالارقام
معادلة عجز العباقرة عن حلها ومعرفة صيغها
لا تحلها إلا أنامل الصمت العلوي في سطوة المشاعر المتوهجة
قلت لي ان الحب لدى الفيزيائيون
جاذبية لا تخضع لقوانين الطبيعة
تتحدى الأسس التي وضعها نيوتن والتي شغلها أرسطو
هو قانون يضعنا نحن كرموز فيه
لا نحن من يحدده ويضعه أو يستنتجه
وإن كل علماء الأحياء لم يستطيعوا بعد أن يحددوا ماهيته
لا أين يوجد ولا في أي عضو يولد ولا كيف ينتشر
لكنهم عرفوا إنه يسيطر على كل الخلايا وكل الأعصاب
ويجري في الأوردة و الشراين ويفجر تامور القلب
علمتني ان الحب في عالم اللغة العربية
منصوب بالالم
مرفوع بالشوق
مجرور بالامل
مفعول قد لا يكون له فاعل
وفاعل قد لا كون له مفعول
فعل ماض وحاضر ومستقبل
هو لا يتكلم بالألفاظ ولا يعرف بالمعاني
لكنه يتكلم بكل اللغات التي ما عهدتها إنسانية البشر
جعلتني أجزم ان الحب مدرسة
من دخلها أُلهلب قلبه وثيرت روحه
وتهاوت أشرعته وأنصهرت نفسه
فلم يعد يتكلم إلا بالنبض
مدرسة تجعل لكل شئ في الحياة واقع آخر
تجعل القلب يرتجف حين يسمع حرف من حروف أسمك
و الروح تتبخر حين تلمس يداي أطراف أناملك
تجعل الوجنتان تحترق حين يعانقني جنونك
فيكون حتى للجليد دفء خاص بين لهيب أنفاسك
وقد دق ناقوس النهاية
فوجدت نفسي أمام الإمتحان حائرة
حارت الصفحات وحار النبض وحار قلبي
فوجدت نفسي تخط هذه الكلمة
(( أحبك ))
لا هو ليست مجرد حبر جر الحروف
هذا الحبر هو احساسي
هذه الحروف قطع من كياني
تجمعت لتصنع عالمي المجنون
هذه هي كل الحكاية
وها قد جائت اللحظات الحاسمة
ترتجف أوصالي
تنصهر روحي
تحترق نفسي و أنا أستلم منك تلك الشهادة
محفورة على جدران الروح
(( الناجحة الوحيدة أنا ))
أفقت من ذهولي بإبتسامة على شفاهي
ودمعة هاربة حارقة تذوقتها كل أهذابي
(( وهنا تهبط أولى حماقاتي ))
فأنا حقا أحبك
أحب حتى دموعي التي لملت جدران القلب
أحب حتى آهاتي حين تخرج بين جدران هذه المدرسة
لا أريد التخرج و لو بشهادة دكتوراه
((أعلم إني إمرأة مريضة بالتفكير المجنون))
فأنا يا بروفيسوري العزيز
أريد أن أبقى تلميذة بين ذراعيك
أدرس الحب طوال عمري ولكن بقربك
على أن أكون عالمة وبعيدة عنك
أعدني وأقتلني إن شئت
وأجعل خناجرك تعيد تعليمي
لكن لا تبتعد
فأنا لا زلت